علاج انسداد عصب اليد

علاج انسداد عصب اليد

يُعد انسداد عصب اليد من المشكلات العصبية الشائعة التي قد تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الفرد وقدرته على أداء المهام اليومية. يختلف انسداد العصب باختلاف موقع الإصابة، وأكثر أنواعه شيوعًا هو متلازمة النفق الرسغي (Carpal Tunnel Syndrome) التي تنتج عن ضغط العصب المتوسط في الرسغ. كما قد يتضمن الانسداد العصبي تأثر العصب الزندي أو الكعبري أو الأعصاب الطرفية الأخرى في الذراع. تُعزى هذه الحالة إلى مجموعة من الأسباب المتنوعة، وتختلف طرق العلاج باختلاف شدة الانسداد وسببه الأساسي. يمثل التدخل المبكر عنصرًا حاسمًا في الوقاية من المضاعفات التي قد تصل إلى تلف دائم في العصب.

التشريح العصبي لليد

يتكوّن الجهاز العصبي الطرفي المسؤول عن حركة وإحساس اليد من ثلاثة أعصاب رئيسية:

1. العصب المتوسط (Median Nerve): يمر عبر النفق الرسغي في الرسغ، وهو المسؤول عن الإحساس بثلاثة أصابع ونصف في الجانب الراحي (الإبهام، والسبابة، والوسطى، ونصف البنصر).

2. العصب الزندي (Ulnar Nerve): يمر خلف المرفق ثم يتفرع ليمر في الجانب الزندي لليد، مسؤول عن البنصر والخنصر.

3. العصب الكعبري (Radial Nerve): يغذي الجانب الظهري من اليد والساعد، وهو مسؤول بشكل أساسي عن بسط الرسغ والأصابع.

أي خلل في مرور هذه الأعصاب بسبب ضغط أو التهاب أو تورم يمكن أن يؤدي إلى ما يُعرف بانسداد العصب، أو “الاعتلال العصبي الانضغاطي”.

أسباب انسداد عصب اليد

تنقسم الأسباب إلى عدة مجموعات رئيسية:

1. الأسباب الميكانيكية والتشريحية

• ضغط مزمن على الرسغ بسبب استخدام لوحة المفاتيح أو الفأرة.

• الحركات المتكررة مثل الخياطة، التنظيف، أو العمل الصناعي.

• الإصابات المباشرة مثل الكسور أو الالتواءات التي تؤثر على مسار العصب.

2. الحالات الطبية

• مرض السكري وتأثيره على الأعصاب الطرفية.

• أمراض الغدة الدرقية، خاصة القصور.

• الحمل واحتباس السوائل المصاحب له.

• التهاب المفاصل الروماتويدي.

3. الأورام والتكيسات

• الكتل الحميدة مثل الكيس الزلالي (Ganglion Cyst) يمكن أن تضغط على العصب.

• الأورام العصبية أو العظمية المجاورة لمسار العصب.

4. أسباب أخرى

• السمنة المفرطة.

• متلازمات الهرمونات مثل متلازمة تكيس المبايض.

• العوامل الوراثية، حيث يلاحظ ضيق خلقي في النفق الرسغي عند بعض الأفراد.

الأعراض السريرية لانسداد عصب اليد

تتفاوت الأعراض تبعًا للعصب المصاب، وشدة الانسداد، ومدة استمرار الضغط على العصب:

• خدر أو تنميل في الأصابع، خاصة أثناء الليل أو عند الاستيقاظ.

• ألم في الرسغ يمتد إلى الذراع أو الكتف.

• ضعف في قبضة اليد أو صعوبة في الإمساك بالأشياء الصغيرة.

• إحساس بالوخز أو الحرق في المناطق التي يغذيها العصب المصاب.

• ضمور في عضلات اليد في الحالات المتقدمة.

طرق التشخيص

يعتمد تشخيص انسداد العصب على تقييم سريري دقيق بالإضافة إلى وسائل تشخيصية داعمة:

1. الفحص السريري

• اختبار “فالن” (Phalen’s Test): يتم فيه ثني الرسغ بزاوية معينة لاختبار ظهور الأعراض.

• اختبار “تينيل” (Tinel’s Sign): بالطرق على منطقة العصب في الرسغ لملاحظة الإحساس بالوخز.

2. اختبارات التوصيل العصبي (Nerve Conduction Studies)

تُعد الأدق في تشخيص درجة الانسداد، حيث يتم قياس سرعة انتقال الإشارات العصبية عبر العصب.

3. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو الأشعة الصوتية (Ultrasound)

لتحديد وجود أورام أو تكيسات تضغط على العصب.

العلاجات المتاحة

يعتمد اختيار العلاج على درجة الإصابة، وتاريخ الحالة، والأعراض المصاحبة، وغالبًا ما يبدأ العلاج بطريقة تحفظية قبل التوجه إلى الجراحة.

أولًا: العلاج غير الجراحي

1. الراحة وتعديل النشاط

تقليل أو تجنب الحركات المتكررة التي تسبب الضغط على العصب، خاصة في العمل أو أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية.

2. استخدام الجبائر

الجبائر الليلية التي تُثبت الرسغ في وضعية مريحة تساعد على تقليل الضغط على العصب المتوسط، خاصة أثناء النوم.

3. العلاج الطبيعي

• تمارين التمدد اللطيف وتمارين انزلاق العصب (nerve gliding).

• العلاج بالموجات فوق الصوتية لتقليل الالتهاب.

• التحفيز الكهربائي للعصب (TENS) لتحفيز الأعصاب وتحسين الدورة الدموية.

4. الأدوية

• مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين لتخفيف الألم.

• حقن الكورتيزون الموضعية لتقليل التورم والالتهاب.

5. العلاج الطبيعي التكميلي

• تطبيق كمادات باردة أو دافئة حسب الحالة.

• تقنيات الوخز بالإبر الصينية (Acupuncture) لتحسين تدفق الطاقة العصبية.

ثانيًا: العلاج الجراحي

يلجأ الطبيب للجراحة في الحالات التي لا تستجيب للعلاج التحفظي خلال عدة أشهر، أو في حالة وجود ضغط شديد على العصب.

1. تحرير النفق الرسغي (Carpal Tunnel Release)

يتم خلاله قطع الرباط العرضي في الرسغ لتوسيع النفق الرسغي وتقليل الضغط على العصب المتوسط.

2. استئصال الأورام أو الكتل الضاغطة

في حال تم التعرف على كيس زلالي أو ورم يضغط على العصب.

3. الجراحة المجهرية

تستخدم تقنية المنظار لتقليل التداخل الجراحي وتحقيق تعافٍ أسرع.

نصائح وقائية للحد من انسداد عصب اليد

المضاعفات المحتملة في حال عدم العلاج

• تلف دائم في العصب المصاب.

• فقدان دائم للإحساس في بعض الأصابع.

• ضعف مزمن في عضلات اليد، قد يصل إلى ضمور.

• تأثير على النشاط اليومي والقدرة على العمل.

متى يستدعي الأمر مراجعة الطبيب فورًا

• استمرار الألم أو الخدر أكثر من أسبوعين رغم الراحة والعلاج المنزلي.

• تفاقم الأعراض ليلاً بشكل متكرر.

• ضعف متزايد في قبضة اليد.

• ظهور أعراض في الذراع بالكامل أو الكتف.

• إصابة مباشرة أو تورم غير مفسر في الرسغ أو الكف.

الخاتمة

يمثل انسداد عصب اليد حالة صحية تتطلب وعيًا دقيقًا بالأعراض وطرق العلاج والوقاية، حيث أن التدخل المبكر في الحالات الخفيفة قد يؤدي إلى شفاء كامل دون الحاجة إلى تدخلات جراحية. بينما في الحالات المتقدمة، يمكن للجراحة أن تحقق نتائج فعالة إذا تم تنفيذها في التوقيت المناسب. ويُعد التوازن بين النشاط البدني السليم، والحفاظ على الوضعية الصحيحة أثناء العمل، ومتابعة الحالات الطبية المزمنة، عاملاً جوهريًا في تجنب الإصابة بانسداد الأعصاب في اليد.

المراجع:

1. American Academy of Orthopaedic Surgeons (AAOS) – Carpal Tunnel Syndrome Guidelines.

2. National Institute of Neurological Disorders and Stroke – Peripheral Neuropathy Fact Sheet.